الحجر الصحي يؤجج نسب العنف المنزلي

“زوجي لا يحترم المرأة، بالنسبة له لا قيمة لي، يشتمني، ويقلل من شأني. كل عام من زواجي طيلة إحدى عشر عام لم يخل من المشاكل، يهجرني بالأشهر ويتعامل في المنزل كأن وجودي منعدم، فيروس كورونا جعلني عالقة في منزل الجحيم ولا أعرف كيف أتصرف. “
بهذه الكلمات نقلت لنا المحامية سوزان جيرودي مأساة أسماء (اسم مستعار) سورية مقيمة في الإمارات وأم لولدين، مع العنف المنزلي أثناء فترة الحجر الصحي بسبب جائحة فيروس كورونا كوفيد١٩.
وأكملت، “مع الحجر المنزلي زادت حقيقة أنني خادمة في منزله، يبدأ الأمر بسيل من الشتائم اذا حدث أي تقصير. يدفعني ويضربني تارة ويحرّض أولادي أن يهينوني تارة أخرى، أخذت قرار الطلاق لكنني لا أشعر أن هذا الوقت مناسب مع كل ما يحدث في العالم، فإلى أين سأذهب؟” واختتمت حديثها بشكوى من الأذى النفسي الهائل قائلة “تعبت نفسيتي كتير، الحوار مفقود، وأصلا ممنوع.”
مع انتشار فيروس كورونا كوفيد١٩ الكثير من النساء أصبحن عالقين مع أشخاص مُعنفين. وبحسب منظمة الأمم المتحدة، يشهد العالم طفرة مروعة في العنف المنزلي حيث، دعا الأمين العام للأمم المتحدة ، أنطونيو غوتيريش، في مطلع نيسان (أبريل) ٢٠٢٠، “إلى اتخاذ تدابير لمعالجة “الطفرة العالمية المروعة في العنف المنزلي” ضد النساء والفتيات، المرتبطة بحالات الإغلاق التي تفرضها الحكومات كنتيجة لجهود الاستجابة لجائحة كوفيد١٩”.
وبينما تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن ١ من ٣ نساء في جميع أنحاء العالم يشهدن عنفاً بدنياً أو جنسياً، وفي الغالب من العشير الحميم، ترى البرفسور في علم الاجتماع وعلم الانسان سهاد ضاهر ناشف في لقاء عبر تطبيق زووم حول (جاهزية الكادر الطبي في الحد من التعنيف المنزلي خلال الحجر الصحي) “الحالة في الشرق الأوسط تختلف حيث مصادر التعنيف لا تقتصر على العشير الحميم بل يمكن أن يكون التعنيف صادر من الأب، الأخ، أو حتى الأم”.
وهذا ما يحدث في حالة راما (اسم مستعار) فتاة جامعية من الأردن تحكي “جئت إلى والدي في عصر يوم من أيام الحظر الشامل بعدما أصبحنا لا نفرّق بين تواريخ الأيام لتشابهها وضيق المنزل علينا من كثرة المشادات، أردت أن أتناقش حول رغبتي الشديدة في تغير تخصصي الجامعي “بكل أدب”، ودون أدنى فكرة وجدت نفسي أنعت “بالصياعة” و”قلة الحياء” إلى أن انهال علي بالضرب”.
وتكمل (راما) “أنا فتاة في أسرة ترى طبيعية ومتعلمة عن بعد، لدي أخت وأخوين، علاقتي مع والدي في توتر دائم، السمعة “وشو هيقولوا الناس” جزء لا يتجزأ من تفكيرهم، النقاش يعد جريمة، وكلمة لا مرفوضة. الجامعة كانت سبب لخروجي من المنزل لكن الآن لا مفر. ورغم تصدي والدتي المتكرر لمحاولات ضرب والدي لي سابقا إلا إن المرة الأخيرة انفجر غضباً “غير مبرر””.
وتقول المحامية ومؤسسة (مبادرة لا للعنف الزوجي) سوزان جيرودي، “يصدر التعنيف خلال فترة الحجر من أشخاص لديهم ماض أو قابلية للتعنيف، فنرى من الحالات السابقة أنه من الممكن أن يتطور التعنيف من نفسي ولفظي إلى جسدي، أو تزيد درجة التعنيف عموما” وذلك يعود منطقيا إلى أن الطرفين يقضون كل الوقت أمام بعضهم البعض في ذات المكان.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة تضاعف التبليغ عن حالات عنف في كل من لبنان وماليزيا وأستراليا مقارنة بالوقت نفسه من العام الماضي.
ويقول من منظمة (كفى عنف واستغلال) اللبنانية ريان ماجد، أن في شهر آذار (مارس) استقبلت كفى في شهر الحجر المنزلي 75 اتصالاً عبر خط الدعم لنساء يتصّلن للمرة الأولى. وتعتبر كفى أن الأرقام وعدد الحالات لا يعبّر عن الواقع حيث أن الكثير من الحالات قد يصعب عليهن التواصل مع أي جهة.
لذلك تقول المستشارة النفسية شفاء عبيد في لقاء عبر تطبيق زووم حول (جاهزية الكادر الطبي في الحد من التعنيف المنزلي خلال الحجر الصحي) “إن دور الكادر الطبي كبير في التقصي حول حالات التعنيف، حيث من الوارد أن تكون المستشفيات من الأماكن المحدودة التي بإمكان الحالة الوصول إليها.
من الجهود الأخرى لمنظمات المجتمع المدني في لبنان للدحر من التعنيف المنزلي خلال الحجر المنزلي هي منظمة (أبعاد – مركز الموارد للمساواة بين الجنسين)، حيث قامت بتنفيذ حملة إلكترونية تحت وسم #حجر- مش – حجز بعد وصول بلاغات العنف المنزلي لنسبة ٪١٠٠ في لبنان. ولمزيد من التفاصيل، تحكي المؤسسة والمديرة التنفيذية لمنظمة أبعاد غيدا عناني في مقابلة صوتية:
تحرير: أسماء فودة
الموضوع شامل زشمل جميع الجوانب
pirfect uni