التنمّر على مواقع التواصل الاجتماعي

Credits: School That Rock

مع ازدياد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في العالم، ازدادت الآثار السلبية لهذا الاستخدام؛ حيث انتشر في الفترة الأخيرة، فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه طفل أسترالي، يحكي فيه بألم عن معاناته مع التنمّر والعنف في مدرسته بسبب مظهره الخارجي. وألقت قضية هذا الطفل الضوء على معاناة الكثيرين.

 ويظهر الفيديو أنّ الطفل يعاني من مشاكل في النمو “التقزم”، إذ يقول الطفل باكياً: “أتمنى لو أن أحدهم يقتلني، أنا قادر على طعن نفسي.. أنت لم تفعلي أي شيء لأجلي”.

وفي تصريح خاص للدكتورة النفسية، أماني ابراهيم، من مستشفى زليخة في الشارقة، عبر تطبيق واتس آب، أفادت بأن “التنمر على مواقع التواصل الاجتماعي تحديداً هو انعكاس للتنمر الذي يحصل في الحياة الواقعية”. وتابعت “لنكن أدق، يمكننا القول، يوجد أناس أكثر عرضة للتنمر على مواقع التواصل الاجتماعي من غيرها، مثل فئة المشاهير والشخصيات العامة، وبحكم الشهرة، فدائماً تكون أخبارهم أو حياتهم الشخصية وأقوالهم ومظاهرهم مطروحة بشكل أوسع أمام العامة، وهذا قد يعطي الحق المغلوط لمتابعيهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بالتعليق سلباً عليهم أو التنمر عليهم بشكل أو بآخر”.

وفي تصريح خاص عبر الواتس آب، قالت المؤثرة الاجتماعية، سلسبيل أبو سردانة، إن “من أكثر الأشِياء التي تثير ازعاجي، أن بعض الناس تتوقعني أن أكون دائماً متاحة لهم، وما إن أنشغل حتى يبدأوا بكلام التجريح والإهانة، بقول “أنت مغرورة”، و”على شو شايفة حالك”. والتعليق على “النمش” أيضاً، فبعض الناس يقومون بالتعليق على صوري، ويعتقدون بأنها حبوب مقرفة على البشرة “حبوب بشعة ومقرفة”.

وفي رده على سؤال، عبر البريد الإلكتروني، صرح أستاذ علم النفس في جامعة الشارقة، رمزي ناصر، “لا يوجد فروق بين التسلط والمضايقة الجسدية، وهذا يحدث بين الذكور أكثر من الإناث وبالمثل مع التسلط عبر الإنترنت. عادة ما تتسلط الذكور على الإناث، بينما تميل الإناث إلى التنمر على الإناث الأخريات”. وعن الأسباب التي تدفع الناس للتنمر على الآخرين. أضاف نصري: “من المؤكد أن المتنمرين بشكل عام هم متنمرون بسبب العدوان المستمر الذي يواجهونه في الأسرة أو التنشئة. وربما كان لديهم آباء متسلطون، وتعرضوا لشكل مستمر من العدوان كعقاب إيجابي أو سلبي وعاشوا في بيئات خالية عاطفياً واجتماعياً”.

وعن سبب التسلط عبر الإنترنت، قال نصري إن ذلك “يعود لسبب عدم الكشف عن هوية المتنمر. يقوم الناس بذلك دون أن يتم العثور عليه وهو أكثر انتشاراً من البلطجة الجسدية”.

أما عن الآثار، فصرح أستاذ علم النفس، أنها “هائلة وندوبها تستمر مدى الحياة”، موضحاً: “بشكل عام، يقوم الأفراد المتنمرون بقمع مشاعرهم وعواطفهم، وبمجرد أن تتاح لهم فرصة لفضحهم بأشكال مختلفة. إنه أشبه بالظلم. بعض الأفراد يتغلبون على الوضع من خلال عملية الشفاء العميق والتأمل الذاتي والتشهير الذاتي وتشكيل الهوية”. وأردف: “أشعر أن هناك الكثير الذي يجب القيام به في المنزل والمدارس للتغلب على ذلك، مثل الوعي، والامتثال ونوع من البقاء؛ لأن المعتدين سيفعلون ذلك مرة أخرى بشكل عام ويحتاجون إلى مساعدة أكثر من المُعتدى عليهم للانفصال عن سلوكهم”.

وتشير الأبحاث، بحسب موقع الأمم المتحدة، إلى أن ما يصل إلى 7 من كل 10 شباب قد تعرضوا للإساءة عبر الإنترنت في مرحلة ما. وغالباً ما يعامل مصطلح “التنمر الإلكتروني” كظاهرة متميزة، ولكنه امتداد للتنمر الذي يعتبر مشكلة قديمة. فالتنمر يعود إلى النزعات الاجتماعية الخفية للأحكام المسبقة والتمييز، وغالباً ما يؤثر على الأشخاص الذين يتمتعون بخصائص كالعرق والدين والحياة الجنسية والهوية الجنسانية والإعاقة، أكثر من غيرهم. إلى ذلك، واحد من كل ثلاثة ضحايا للتنمر قد تعرض لأذى ذاتي من جراء ذلك، وأقدم 1 من كل 10 على محاولة الانتحار.

هذا الأمر دفع دولة الإمارات إلى محاربة هذه الظاهرة بكل السبل، عبر سنّ القوانين التي تجرّم التنمر وتعاقب مرتكبيه، حيث إن المادة (21) من قانون العقوبات الاتحادي رقم (5) لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، تنصّ على أن من يقوم بذلك يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن 150 ألف درهم، ولا تتجاوز 500 ألف درهم.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM