الاختيار الصعب

تبدأ أحلامنا منذ الطفولة وتكبر مع مراحل عمرنا، و يكون الخوف من المجهول هو الدافع الأساسي للتفكير بمستقبل قد تنكسر فيه الأحلام لتغيّر طريقنا في رحلة حياتنا في أيّ لحظة. لكل منا حلم، البعض يحلم بأن يكون الطبيب أو شرطي، و البعض الآخر يتمنى أن يصبح فنانا أو رساما،إلا أن رغبات الآخرين كثيرا ما ترغمنا على تناسي هذه الأحلام فنجبر على اتخاذ قرارات تنسينا اهتماماتنا و ميولنا. تساؤلات كثيرة عديدة تتراود على ألسنة الطلبة بعد انتهائهم من المرحلة الثانوية و هم يطوقون في حيرة لدخول أبواب الجامعات، فكثير منهم من تبدأ لديهم مشكلة اختيار التخصص المناسب في الجامعة عند التقديم للانتساب في إحدى المؤسسات الأكاديمية. والسؤال يطرح نفسه هنا:” ما هو التخصص الذي يناسب طموحاتي؟”. هنالك عقبات تواجه الطلبة من أهمها رغبات أولياء الأمور التي لا تتناسب أحيانا مع ميول و قدرات أبنائهم . بالإضافة أيضا اختيار الطلبة بعض التخصصات التي يعجزون عن احراز أي تقدم فيها.

قد يؤثر الأهل سلبيا على أولادهم عن طريق اجبارهم على دراسة تخصص معين مثل الطب و الهندسة للتفاخر و التباهي أمام الناس. ففي بعض المجتمعات ما زالت الفكرة السائدة بين الناس بأن الطبيب و المهندس هما منصبان لهما أهمية كبيرة في المجتمع.

تقول هبة الشرع منسقة خدمات توظيف الطلبة في الجامعة الأمريكية في دبي:” هناك الكثير من الطلبة من يقومون بتقديم طلبات توظيف في مجالات مختلفة عن تخصصاتهم لتلبية رغبات لم تسمح لهم الفرصة بدراسة التقنيات الّتي تثقلها وبالتالي إنتهى بهم المطاف وهم داخل قاعة دراسية لا يربطهم بها شغف التعلّم. لقد تقدم طالب لوظيفة في مجال الفن و الاتصال المرئي رغم ان تخصصه هو هندسة مكانيكية. وتضيف الشرع: “كما هنالك بعض الحالات يدرس فيها الطلاّب تخصصان مختلفان لإرضاء نفسهم وطرف آخر.”

يقول هشام كعكاني، طالب هندسة معمارية ” بعد انتهائي من الثانوية، لم أكن اعلم ما هو التخصص الذي أود أن أتابع تحصيلي العلمي فيه. فتقدمت إلى الجامعة لدراسة الهندسة المدنية لأن والدي و شقيقتي تخصصا في هذا المجال، لكن بعد مرور ٣ سنوات أدركت ان الهندسة المدنية ليست التخصص المناسبلتلبية رغباتي وطموحاتي لذلك حولت من الهندسة المدنية إلى الهندسة المعمارية”.

من جهة أخرى تلعب طريقة تفكير المجتمع دورا كبيرا فيالتأثير بالتخصّص الذي يختاره الطالب. تقول عائشة صالح، مدرسة و أم لأربع أولاد”: مجتمعنا يفرض علينا إتباع التحفظات فما زال هناك بعض المجتمعات الّتي ترفض فكرة دخول الفتاة أو الشاب لدراسة الفن” و تضيف: ” أذكر أن إحدى قريباتي لديها ابن شاب يدرس رقص الباليه، وهو يعاني من رفض محيطه لهذا النوع من الهوايات إذ إنهم مازالوا يعتقدون أن هذا المجال يناسب الفتيات أكثر”.

يقول كنان محمد “: كنت احلم بدراسة الطيران و أصبح طيار، لكن والدي أجبرني على دراسة الهندسة المدنيّة لأنها باعتقاده هي المهنة التي تناسب الشباب و لها مستقبل أفضل” لكن تبقى المسؤولية الكبرى على دور الوالدين و دور الإرشاد الأكاديمي للطلبة.”

فتقول الآنسة جوديث من قسم التسجيل في الجامعة الأمريكية في دبي”: الكثير من الطلبة يختارون تخصصات قد لا تناسب قدراتهم العلمية ، لكن هنا يأتي دورنا بإرشاد الطلاب لاختيار القرار الصحيح الّذي يُلائم معدلاتهم في المرحلة الثانوية”

قد تتعدد الأسباب التي تؤثّر على الطلبة و يتوقف نجاح الطالب في حياته المستقبلية على مدى نجاحه في اختيار التخصّص الأكاديمي المناسب له، فإذا فشل في الاختيار ، سوف يكون عرضة للعديد من الضغوط النفسية التي ستنعكس عليه سلبا وعلى حياته و مستقبله وتقف حاجزًا أمام تقدّمه و نجاحه.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM