الإعلانات: بين هوس الصورة الأخاذة وواقع النتائج الوخيمة

يقضين ساعاتٍ في تصفح مجلات الموضة ويحلمن بإجراء جراحاتٍ قد تكون بربرية. صور الممثلات النحيلات تملء هواتفهن، وقسم أطعمة “الدايت” أول وجهة لهن أثناء التبضع. فتيات يرين في صور الجمال الأنثوي التي تقدمها الإعلانات نموذجٌا للجمال الكامل الذي لا يتوقفن عن السعي إلى التشبه به رغم ما قد يلحق بهن من ضررٍ أثناء المحاولة. فما هو الحل؟
عند تحليل تطور فكرة الجمال الأنثوي عبر التاريخ يلاحظ أن صورة المرأة الجميلة في السابق مختلفة جداً عما هي عليه الآن، فاليوم تظهر الفتيات في الإعلانات المختلفة بمعايير جسدية تقارب المثالية، مما يساعد على نشر رؤيةٍ أحاديةٍ حول جمال المرأة وأفكارٍ متشابهةٍ عن الصورة التي يجب أن تظهر بها والتي تتمحور دائماٌ حول الطول والنحافة الشديدة والجاذبية الساحرة.
مع أن الهدف قد لا يكون واقعياٌ في الكثير من الأحيان، إلا أن العديد من الفتيات يبذلن الكثير من أجل بلوغ الشكل المنشود. تقول منال الفتاة المصرية العاملة بأحد محلات العطور بمول الإمارات: ” شكلي الحالي ليس هو الشكل الذي أتمناه، فأنا أريد أن أكون بنحافة عارضات الأزياء، وأن يكون جسمي صالحاً لارتداء أية ملابس أريدها. العديد من صديقاتي يعانين من نفس المشكلة لذا فنحن نشجع بعضنا البعض على إنقاص الوزن، أقصد أننا نفعل هذا بشكلٍ جماعيٍ لكن لكل واحدة طريقتها، هناك من تكتفي بحمية غذائية وهناك من يفضلن الوصفات الموجودة على الإنترنت”. رغم المحاولات الدؤوبة يظل التعرض المستمر إلى هذا النوع من النماذج الإعلانية يرسخ إحساساٌ عميقٌا بالنقص وعدم الرضى لدي الفتيات، فحسب إحصائيةٍ شملت أكثر من ثلاثة آلاف امرأة في الوطن العربي رفضت سبع وأربعون بالمئة وصف أنفسهن بالجميلات بينما لم تتعد نسبة السيدات الراضيات عن شكلهن الخارجي السبعة بالمئة.
في الكثير من الحالات قد يتطور هذا الأمر ليؤدي إلى الإصابة بأمراضٍ نفسيةٍ مزمنةٍ. تؤكد جوان عبد الله، الأخصائية النفسية بالجامعة الأمريكية في دبي ذلك قائلةٌ: “المعايير الجمالية التي تظهرها الإعلانات مستحيلة، وعندما تتأكد الفتيات من هذا الحقيقة قد يؤدي الأمر بهن إلى نتائج عكسية، فإذا كانت إحداهن متبعةٌ لحميةٍ ما قد تتوقف عنها لتشرع في الأكل بشراهة، في نفس الوقت تتضاعف نسبة إصابتهن بأمراض مثل الاكتئاب وفقدان الشهية والوسواس القهري”.
في العادة توجه أصابع الاتهام إلى الشركات الإعلانية والإعلام لتسببهم في توليد هذه الضغوطات النفسية وغرسهم لثقافةٍ تشجع على السطحية وتمحو تميز كل فتاة. غير أن جوان عبد الله تملك رأياٌ آخر فيما يخص كيفية الخروج من هذه الدائرة المغلقة: “لا يمكننا أن نستمر في إلقاء اللوم على الإعلام دون أن نعترف بأن المسؤولية تقع على عاتق هؤلاء الفتيات كونهن جزء من المشكلة أحيانا. الحل يكمن في تقبل الذات وإدراك الخيارات الصحية بالنسبة لها، فأن تكوني نحيفة لا يعني بالضرورة أنك صحية”.
قد تكون مهمة التكيف مع الشكل الحالي أصعب من مهمة الوصول إلى الشكل المعروض في الإعلانات غير أن نهال، الفتاة العشرينية التي ساعدتها موهبتها في الرسم على تخطي معاناتها في الوصول إلى معايير فتيات الإعلانات أثبتت أن الأمر ممكن.
Please follow and like us: