الإحتجاجات اللبنانية: جنود المهنة يتعرّضون للإعتداء

خلال تغطية التظاهرات والتحركات الإحتجاجية التي حصلت في وسط العاصمة بيروت وبعض المناطق، تحول المراسلون اللبنانيون إلى ضحية للإعتداءات والمضايقات التي طالتهم من جهات عدة من ضرب وتكسير معداتهم، بالإضافة إلى المنع من التغطية.
منذ اللّحظات الأولى من اندلاع الثورة في لبنان، وضع المراسلون العاملون في مختلف القنواة التلفزيونية المحلية أنفسهم في تصرف القنوات التي يعملون فيها؛ فوقفوا آخذين على عاتقهم نقل الحقيقة كاملة إلى الرأي العام اللبناني.
ورغم أنّ غالبية اللبنانيين رفعت لهم القبعة لشجاعتهم وتشبثهم بإتمام واجباتهم المهنية على المستوى المطلوب، إلّا أنّ شريحة أخرى اتهمتهم بأنّهم يساهمون بشكل غير مباشر ب”تجييش الناس” وحثهم على النزول إلى الأرض للتظاهر بفضل نقلهم وقائع الحراك.
خلال تغطية الإحتجاجات أمام مصرف لبنان والمواجهة بين القوى الأمنية والمتظاهرين في شارع “الحمرا”، تعرّض فريق عمل قناة “الجديد”، المكوّن من المراسل حسان الرفاعي، والمصوّر زكريا الخطيب، للإعتداء بالضرب من قبل مجموعة من الملثمين.
كما تم توجيه تهديدات للصحافيين الذين يغطون في مناطق عدّة، وطلب منهم المعتدون المغادرة. كما اعتدى عدد من الشبان، الذين يفتشون السيارات في منطقة جلالا البقاعية، على فريق قناة “أم تي في”، وسلبوا هاتف المصوّر كريستيان أبي نادر، إضافة إلى قيامهم بتحطيم سيارة الفريق.
وفي تصريح خاص من المراسل آلان درغم، من قناة “أم تي في”، أكّد درغم أنّ التعرّض “تمّ من قبل أنصار لحزب معيّن وليس من قبل الثوار”، وعلى الحاجز تمّ “التدقيق في الهويّة لمعرفة انتساب الأشخاص”. أمّا بالنسبة لفريق ال”أم تي في”، “لم يتم تفتيش الفريق بل تم الإعتداء عليهم مباشرةً”، بحسب ما أفاده درغم.
وفي هذا السياق، قال نقيب المحررين، جوزف القصيفي، لموقع “أم تي في” إنّ “ندين بشدّة التعرض لفريق عمل أم تي في من قبل مجموعة من المشاغبين”، وكرّر الدعوة إلى “تحييد الجسم الإعلامي عمّا يجري” مطالباً المراجع المختصة باتخاذ الإجراءات المناسبة لمحاسبة المعتدين.
كما لقي مراسلو قناة “أو تي في” صعوبة في استصراح المتظاهرين، إذ كانوا يرفضون التحدث إليهم ما أن يدركوا انتماءهم؛ فتعرّض المراسل جورج عبود للإعتداء من قبل متظاهرين في وسط بيروت، أثناء تغطيته للتحركات الإحتجاجية التي تزامنت مع انعقاد جلسة إقرار الموازنة العامة في مجلس النواب.
وقام أحد المتظاهرين بالتهجّم على عبود موجهاً الشتائم إليه وإلى المؤسسة، وبرشق عبوات المياه والبيض عليه وعلى الكاميرا الخاصة بالقناة، في حين طالبه متظاهرون آخرون بترك مكان الإعتصام، باعتبار أنَ القناة “غير مرغوب فيها” في ساحات الإعتصام.
وبسؤالٍ خاص عن الإعتداء، صرّح عبود إنّ “الإعتداء نفّذه مجموعة لا تقل عن أربعة أشخاص من بين المتظاهرين”، وذلك بسبب “إدراكهم لهوية المحطة”. وبعد التدقيق حول هوية المعتدين لاحقاً ومعرفة أسمائهم، تبيّن أنّ “البعض منهم لديه انتماءات سياسية”، بحسب ما أفاده عبود.
وبعد تكرار الإعتداءات، وفي ظل “عدم وجود قوانين تحمي الصحافيين والإعلاميين أثناء قيامهم بواجباتهم ميدانياً” بحسب عبود، أكّد الأخير “ضرورة توقيف المعتدين بعد تفلت الأوضاع على الأرض” ليشكل ذلك “رادع لوقف جميع أشكال الإعتداءات التي تطال الإعلاميين والصحافيين كما المصورين”.
وفي حين تصوير الجدار الإسمنتي الذي شيّده المتظاهرون داخل نفق نهرالكلب، تعرض المراسل إدمون ساسين من فريق قناة “أل بس سي”، للضرب وتمت محاولة منعه من التصوير. وبحسب ما صرّحه ساسين باتصال خاص، قال إنّ “هدف بناء الجدار في وسط النفق كان رد الناس بالصورة إلى الحرب، بحسب رأي البعض”، وهذا ما أدّى إلى انقسام آراء المتظاهرين ما بين مع وضد بناء الجدار.
ولم يجزم ساسين بأن المتظاهرين الذين بنوا الجدار واعتدوا على الفريق هم من طرف سياسي معيّن، بل هم “شباب متحمّسين يقومون بالتجربة الأوكرانية التي ينبنى فيها الجدار ثم يتم إزالته”. وبالنسبة للإعتداء على الصحفيين، أكّد ساسين أنّ “من الضروري توقيف كل من يتعدّى على صحفي، فهو مواطن يقوم بعمله بالكامل”، ولكن نقابة الصحافة والقضاء اللبناني “لم يتصرّفوا بشكل حاسم بهذا الموضوع”؛ أمّا بالنسبة للقوى الأمنيّة والعسكرية “لم تتدخل لحماية الصحفيين إلا باستثناءات معيّنة”.
ويذكر أنّ الثورة اللبنانية، هي سلسلة من الإحتجاجات الشعبية بدأت في 17 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2019، إثر فشل الحكومة اللبنانية في إيجاد حلول للأزمة الإقتصادية. بدأت الإحتجاجات الشعبية بداية بشكل مباشر إثر الإعلان عن خطط حكومية لفرض المزيد من الضرائب على البنزين والتبغ، إضافة إلى استحداث ضريبة على استخدام تطبيقات المكالمات الهاتفية عبر الإنترنت مثل واتساب، والتي قٌرّر التصديق عليها في 22 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2019. ثم توسعت الإحتجاجات، حيث بدأ المتظاهرون المطالبة ب”إسقاط النظام” لتشكيل حكومة جديدة.
تحرير: حنان الكبت