اقتصاد لبنان يطال الطلبة اللبنانية في الخارج

جوي أبو صالح- الجامعة الأمريكية في دبي ١٥-٤-٢٠٢١
تعاني اليوم أغلب الطلبة اللبنانية في الخارج من سوء الوضع الاقتصادي في لبنان، مما يضعهم بين ويلات البحث عن العمل وويلات الدراسة والتفوق، وينطبق الحال على الطلبة اللبنانية في الجامعة الأمريكية في دبي.
وعبّرت طالبة التصميم الداخلي، جوي أبو صالح، عن وضعها الحالي إزاء الوضع الاقتصادي المُنهار في لبنان وما يتركه سوء الحال من آثار وخيبات أمل لدى الشباب اللبنانية في الخارج، قائلة: “منذ ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي، لم يعد بلدي على حاله ولا حتى ناسه. ما يحصل غيرنا جميعنا، وتحديداً عن نفسي أتحدث، تحولت من فتاة تدرس وتمضي أغلب وقتها مع أصدقائها في الخارج إلى فتاة تعمل عملين في آن واحد وتتابع دراستها كذلك”.
وأضافت أبو صالح: “لم يعد باستطاعة عائلتي أن ترسل مصروفي الشهري، لذلك لجأت للعمل كمندوبة مبيعات لدى شركة نسله لمدة أربع ساعات من العمل اليومي باستثناء نهار الجمعة. لكن الدخل لم يكفني للعيش في بلد باهظ مثل دبي، وكذلك أردت إرسال البعض من دخلي إلى عائلتي في لبنان، فاستلمت وظيفة أخرى، وبدأت بتعليم عدة مواد لطلبة في الصفوف الابتدائية.
تقول جوي (٢٠ سنة): “لم أشعر بهكذا ضغط من قبل، أحياناً أتساءل كيف باستطاعتي فعلاً التركيز على دراستي والعمل بوظيفتين مختلفتين من أجل العيش بعد أن نهبت السلطة السياسية في لبنان أموالنا وأرزاقنا”.
هذا وأشارت جوي أنها في صدد البحث عن وظيفة مستقرة تمكنها من التركيز أكثر على دراستها وكذلك الحصول على دخلٍ كافٍ لمساندة أهلها في الوطن الأم، لكنها لن تتوقف عن العمل في الوقت الحالي.
ليست وحدها جوي أبو صالح اللبنانية التي تأثرت بالوضع الاقتصادي الراهن، بعد وصوله إلى مستويات قياسية حدود ١٥٠٠٠ ليرة في السوق السوداء، كذلك حال طالب الهندسة الكهربائية، ميما أبي فرح (٢١ سنة)، الذي ذكر: ” رغم حزني على بلدي في غربتي، غيّر لبنان الكثير من شخصيتي، كطالبٍ لبناني يسعى لتحقيق أحلامه في ظروفٍ استثنائية صعبة، وأقصد هنا تأثير الوضع الاقتصادي الحالي في لبنان على رحلتي في عمر العشرين”.

يقول ميما، وهو في سنته الجامعية الرابعة: “لطالما اعتمدت على والدي في تأمين مصروفي الشهري، لم أفكر للحظة ما أنه عليّ العمل للحصول على دخلي، أثناء متابعة دراستي الجامعية، فأنا أردت أن أصب تركيزي التام في دراستي”.
وأضاف: “مع ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان من ١٥٠٠ ليرة إلى ٨٠٠٠ ليرة يوماً ليصل إلى ١٥٠٠٠ في يومٍ آخر مقابل الدولار الواحد، لم يكن لدي سوى خيارٍ وهو العمل كمدرسٍ لمادة الرياضيات وتقديم دروس خصوصية”.
يقول أبي فرح: “لم يكن الأمر سهلاً في البداية، فتخصصي يأخذ الحيز الأكبر من وقتي إلا أنني حاولت تنظيم وقتي بطريقة ما، لذلك بدات العمل اليومي منذ حوالي ستة أشهر، فأنا أقدم دروس خصوصية بشكل يومي لطلاب عدة”.
وأكّد: “على الرغم من الضغوطات التي واجهتها، إلا أن بعد مضي أكثر من ستة أشهر على هذا الحال، أشعر باستقرار داخلي، كوني أخوض تجربة جديدة على الرغم أنها استزفت الكثير من طاقتي ومجهودي، لكنني اليوم أقدم لعائلتي مبلغاً شهرياً من المال، وهذا أكثر ما يساعدني قي الوقت الحالي”.
تتعدد القصص لكن المبدأ واحد، ألا وهو غياب قدرة الأهالي اللبنانية في مساندة أولادهم في الخارج، مما يضع الطالب اللبناني أمام خيار وحيد للاستمرار ألا وهو “العمل والدراسة معاً”.
تتعدد القصص لكن المبدأ واحد، ألا وهو غياب قدرة الأهالي اللبنانية في مساندة أولادهم في الخارج، مما يضع الطالب اللبناني أمام خيار وحيد للاستمرار ألا وهو “العمل والدراسة معاً”.
ضمن هذا الإطار، تقول طالبة الإنتاج الرقمي والسرد القصصي، يارا ورد: “انتقلت عائلتي من أبوظبي إلى بيروت منذ سنة ونصف السنة، لكن مع ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان، لم يعد باستطاعة والدي أن يحوّل إلى حسابي مصروفي الشهري. فقد خيرني في بداية الأزمة، إما العمل للحصول على النقود، أو العودة إلى لبنان إلى حين تحسنت الأوضاع الاقتصادية”.
وأضافت: “رفضت فكرة العودة رفضاً قاطعاً، لا أستطيع تحمل الأوضاع في لبنان أو حتى التخلي عن دراستي الجامعية، ولو لحين”.
تقول الورد: “قدمت للعمل في شركات عدة ضمن مجال الإخراج والتصوير، وتم قبولي في “تب فاكتر“؛ كمسؤولة عن منصات التواصل الاجتماعي ومصورة خاصة للشركة”.
هذا وأشارت يارا إلى أنها تواجه الكثير من التحديات أثناء العمل، فهي تعمل عشر ساعاتٍ في اليوم لتحصل في المقابل على ٢٠٠٠ درهم شهرياً، أي ما يُقارب ٦٠٠ دولار.
تقول يارا: “أعود إلى سكني مرهقة ومتعبة، لا حيلة لدي لمتابعة دراساتي، حتى أنني في بعض الأحيان اضطر إلى حضور صفوفي عن بعد لأنني لا أتمكن من ترك العمل ولو لساعات”.
وأضافت: “أعلم جيّداً أن ما أحصل عليه من دخل شهري لا يوازي أتعابي والوقت الذي أقضيه في العمل، ومع ذلك فأنا أفضل هذا الأمر على السفر إلى لبنان”.
هذا وأكدت يارا ورد (٢٢سنة) أنها بدأت العمل منذ حوالي أربعة أشهر، واستطاعت أن تجمع بضع أموالٍ لمساعدة أهلها في لبنان.

بدأت الاحتجاجات المدنية اللبنانية منذ ٢٠١٩، حيث اندلعت بسبب الضرائب المخططة على البنزين والتبغ والمكالمات عبر الانترنت، وثم وقعت حادثة انفجار مرفأ بيروت ليصبح الوضع أسوأ في لبنان. فانضربت القطاعات كافة دون استثناء، وانهار القطاع الاقتصادي تحديداً مع انهيار قيمة الليرة اللبنانية أمام سعر صرف الدولار الأمريكي.
الجدير ذكره أن الليرة اللبنانية فقدت ٧٨ بالمئة من قيمتها في العام ٢٠٢٠، فبعدما كان الدولار الواحد يساوي ١٥٠٠ ليرة، وصل بداية هذا العام إلى ٩٠٠٠ ليرة في السوق السوداء، ليصل مؤخراً إلى ١٥٠٠٠ ليرة ليتسقر على ١٢٧٠٠ اليوم.
ومنذ حزيران/ يونيو الماضي، أعلن مصرف لبنان بدء العمل بمنصة الكترونية في إطار جهود لتوحيد سعر الدولار، لكن لم يحدث تغيرات حتى الآن.
منذ ذلك الحين، أصبح سوق الصرف تتضمن ثلاثة أسعار للدولار، الأول هو السعر الرسمي من مصرف لبنان البالغ ١٥٠٧ للدولار والواحد، والثاني سعر منصة إلكترونية لعمليات الصيرفة ويتراوح بين ٣٠٠٠ و ٣٩٠٠ ليرة.