احتفالية عبد الله ياسين: قلم ليلى يخلد صاحبه

من فيلم "قلم ليلى" الوثائقي تنفيذ: عبد الله ياسين ومهند منير
في السابع عشر من ديسمبر، غيّب الموت الطالب الفلسطيني في الجامعة الأمريكية في دبي عبد الله ياسين ذا العشرين ربيعا في حادث سيارة مأساوي، بعد نهار قضاه مع أصحابه، مما خلف حالة من الصدمة والحزن لدى كل من عرفه واقترب منه من عائلته وأصدقائه وأساتذته.
على إثر ذلك الحادث الأليم، خيمت حالة من الحزن والفخر، على أجواء الاحتفالية التي عقدت افتراضياً في الخامس والعشرين من الشهر الجاري. الفعالية التي نظمتها الجامعة الأمريكية للاحتفاء بحياة وأعمال وموهبة الطالب الشاب.
عبد الله في عيون أساتذته: طالب طموح، وموهبة لافتة
“لا أصدق أن عبد الله ليس معنا اليوم” افتتحت صوفي بطرس، المديرة التنفيذية في كلية محمد بن راشد للإعلام بالجامعة الأمريكية في دبي تأبينها لياسين بهذه الكلمات. الشاب الطموح ذوو الصوت الأجش الذي كان يكره معالجة موضوعاته الصحفية بطريقة تقليدية، وأضافت بطرس: “كان يفكر بطريقة مميزة، وأحب أن يترك أثرا مميزا في الجامعة وفي حياة من حوله”. كما كان يدافع عن آرائه بشجاعة وتهذيب دون أن يكون مغروراً لكن بقدر كبير من الثقة، مما جعله “يستقبل النقد مهما كان قاسياً بابتسامة واسعة”.
الدكتورة سمية قبيسي، الأستاذة بكلية الإعلام في الجامعة الأمريكية، لم تتمالك دموعها وهي تتذكر عبد الله، وهي ترى فيه أنه ليس فقط أحد طلابها الواعدين، بل كأنه “واحد من أبنائها فهم في مثل عمره” وتحكي قبيسي عن واقعة كانت لها أثرها عليه، كانت نتيجتها الوثائقي الأخير الذي عمل عليه ياسين “كان عبد الله يأخذ كورس الوثائق معي، وقرر أن يكون وضوع فيلمه عن أهم عمليات القبض على عصابات المخدرات في دبي، وقلت له يا عبد الله الآن في زمن الكورونا اخترت موضوعا صعبا”. لكنه أصر فوافقت قبيسي فلم تكن تريد أن تقف أمام إبداعه، لكن “عليك أن تضع خطة بديلة في حال لم تتوفق أو واجهتك أي عقبات”. لكن عبد الله المتحمس لموضوع فيلمه أصر فاتفق مع أستاذته على أن يقدم فيديو لزملائه لكي يتم التصويت على تقديمه، وتكمل قبيسي “قدم أفضل فيديو في الفصل ووافقوا عليه بالإجماع” لكن مع نهاية الفصل الدراسي، قررت الشرطة أن الوقت غير مناسب لمثل هذا الوثائقي. أصيب عبد الله بالفزع لكن قبيسي طمأنته وهي تعرف عزيمته وطلبت منه أن يقدم فيلما يخص حياته أو حياة من حوله. من هنا “جاءت فكرة فيلم قلم ليلى، فصور الفيلم في يوم واحد” الفيلم تحول بعد وفاة عبد الله ياسين إلى احتفالية حياة عمل فيها صديق عمره مهند منير وتحتفي بعبد الله الشاعر صاحب مدونة قلم ليلى الذي كتب فيها قصائده، التي اعتبرتها قبيسي “مفاجأة بالنسبة إلي فلم أكن أعرف قبل فيلمه أنه شاعر ومجيد أيضًا” وتختم قبيسي: “أريد أن أشكر مهند على هذا المجهود الهائل في مساعدة صديقه في حياته وتكريم ذكراه بعد وفاته”.
أصدقاء الراحل: يبكون ويبتسمون في ذكراه
عدد كبير من أصدقاء عبد الله وزملائه، اتفقوا على دماثة عبد الله ياسين وأخلاقه وتفانيه في عمله، وتراوحت ردود أفعالهم بين البكاء والابتسامات على الذكريات الطيبة التي تركها معهم.
صديقه المقرب، مهند منير الطالب في إعلام الجامعة الأمريكية يتحدث عن فيلم قلم ليلى “أحاول أن أحقق كل شيء من أجل حلم عبد الله” الوثائقي يعتبر جزءًا مصغرًا من مجهود أكثر من ٥٠ شخصًا “أرسلوا فيديوهات من أجل الوثائقي”.
يتذكر مهند المرة الأخيرة التي شاهد فيها صديقه “آخر يوم كان عبد الله في البيت عندي، ونحتفل بعيد ميلاد حافظ صديقنا، كان أكثر يوم ضحكنا فيه في حياتنا”. كانت الليلة الأخيرة للامتحانات في الجامعة، وكان الأجواء وقتها “مبهجة وكنا مستمتعين بوقتنا ولم نعرف أنها كانت حفلة وداعية”. يشكر مهند في نهاية حديثه كل من أخرج صدقةً جاريةً لصديق عمره ويؤكد: “سوف نحقق حلمك وسوف يعرف العالم من هو عبد الله ياسين الشاعر والصحفي والإنسان”.
بالنسبة إلى ديما صادق الطالبة في إعلام الجامعة الأمريكية، فلم تجد كلمات تصف مشاعرنا، بين الدموع التي لم تقدر على السيطرة عليها وتكمل “كم كان رائعا، عنى لي الكثير، إذ كان دائما موجودًا كلما احتجته، لا أصدق أنه قد مر سبعين يومًا على غيابه”.
أم عبد الله ياسين: عمر عبد الله لا يقاس السنين
بعد كلمات التأبين من عدد كبير من أصدقاء عبد الله، اختتمت الفعالية بكلمات موجعة أبكت الجميع، من أم عبد الله ياسين، التي بدأت حديثها بشكر الجامعة، وكلية محمد بن راشد وكل العاملين لتكريمهم لذكرى عبد الله. وتقول: “بكل الفخر أحكي أنني طوال عمري فخورة به وبإنجازاته. لقد جعلتني فخورة بك في حياتك وبعدها. يمكن انتهت حياتك بالنسبة للناس، لكنك لا تغيب عن بالي، عشرون عاماً وتركت كل هذا الأثر؟! بابتسامتك الجميلة سوف أتذكرك دائماً”.
جدير بالذكر أن فيلم “قلم ليلى” عُرض في فعالية التأبين، لتكريم ذكرى عبد الله ياسين، وهو الفيلم الذي يوثق لحلم عبد الله الكبير في أن يكون شاعراً له صوته وتأثيره بين الناس.