إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات الأردني

علا يحيى/
أقرت الحكومة الأردنية الأحد الماضي، مشروع القانون المعدل لقانون العقوبات، وذلك خلال مؤتمر صحفي لوزيري الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني، والعدل بسام التلهوني عقد في رئاسة الوزراء. وأشار المومني إلى أن مشروع القانون المعدل خلص إلى إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات المتعلقة بتزويج المغتصب للمغتصبة، حيث تناول مجموعة من التعديلات الجوهرية المتعلقة بهذه المادة التي كانت تنص على: “إذا كان هناك عقد زواج صحيح يتم ايقاف الملاحقة بحق المعتدي وإذا كان قد صدر حكم بالقضية يتم تعليق تنفيذ العقاب الذي فرض على المحكوم عليه، على أن النيابة العامة تستعيد حقها في ملاحقة الدعوى العمومية وفي تنفيذ العقوبة إذا انتهى الزواج بالطلاق دون سبب مشروع قبل انقضاء ثلاث سنوات على الجنحة وانقضاء خمس سنوات على الجناية من تاريخ إبرامه” .
وأشار الى أن مبررات وضع هذه المادة تهدف، حسب وصفه، “إلى تحفيز الجاني للزواج من المجني عليها الأمر الذي يسهم في حماية المجتمع من ظاهرة اللقطاء ومجهولي النسب حيث سينسب المولود الى الجاني بموجب عقد زواج مثلما أن زيادة مدة الزواج تحت هذا البند قد تسهم في تحقيق استقرار الحياة الاسرية” .
وجاء قرار الإلغاء لهذا القانون بعد ما طالبت الحركة النسائية في الأردن منذ أعوام عديدة بتعديل أو إلغاء نص المادة 308 من قانون العقوبات الأردني، حيث تقول دراسة أجرتها جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن”: “أن غالبية المجتمع الأردني يقف مع إلغاء هذه المادة، ونتيجة لذلك تم تشكيل تحالف مدني يطالب بإلغاء المادة”.
وكانت “تضامن” شاركت منذ أعوام وبالتوازي مع الجهد النسائي، في تنفيذ حملات بهذا الخصوص خلال العقدين الماضيين، تنطلق في مطالبتها من “اعتبار ان المادة 308 تشكل عقوبة مزدوجة للمجني عليهن، ذات طابع اجتماعي ولكن بقوة القانون”، أي أنها حسب وصف أعضاء الجمعية “تعاقب الضحية”. وأكدت الحملات النسائية بهذا الخصوص رفض هذه المادة “باعتبارها انتهاكاً صارخاً لحقوق النساء، وتُعرّض المجني عليهن لمعاناة نفسية وجسدية شديدتي الخطورة على حياتهن”.
وفي ظل الغياب الكامل لأصوات ضحايا الجرائم الجنسية، واللواتي طبقت عليهن أحكام المادة 308، ولعدم وجود معلومات وأرقام دقيقة لاتجاهات الأردنيين والمختصين منهم حول هذه المادة، قامت “تضامن” بإجراء دراسة بحثية هي الأولى من نوعها في الأردن، حول “الجرائم الجنسية ضد النساء- المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجاً”، للوقوف على التأثيرات القانونية والإجتماعية والنفسية والصحية، الإيجابية منها والسلبية على النساء والفتيات من جهة وعلى الأسرة والمجتمع وغرهما. وشملت عينة الدراسة التي وزع عليها الاستبيان 850 فرداً من الذكور والإناث من بينهم 36 من ذوي الإعاقة وبنسبة 4.2 % من العدد الإجمالي، فيما أظهرت النتائج أن عدد المستجيبين/ المستجيبات بلغ 771 وبنسبة استجابة 90.7 %، وتساوي تقريباً عدد المستجيبين مع عدد المستجيبات حسب الجنس، حيث بلغ عدد المستجيبين 49.8 % وعدد المستجيبات 50.2 %. وبسؤال عينة الدراسة عن تأييدهم لحملة بشأن المادة 308 من قانون العقوبات، أيد ذلك 70.8 % وعارضه 13.5 %، فيما أجاب 15.7 % منهم بأنهم لا يعرفون.
ونتيجة ذلك فإن ثلاثة من كل أربعة أشخاص تقريبا يؤيدون حملة تتعلق بالمادة 308، ما يشير الى أن غالبية المجتمع الأردني مع إلغائها.
فبالرغم من تأخر الحكومة الأردنية بإلغاء هذا القانون، إلا أن مقولة “أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً” انطبقت في هذه الحالة. حيث أن “مكافأة المغتصب بعروس” لا يمكن،قطعاً، أن يكون الحل الأمثل لمواجهة جريمة الاغتصاب. ولذلك اعتبر وزير العدل بسام التلهوني، “أن المشروع المعدل لقانون العقوبات يعد من أهم المشروعات التي عملت عليها الحكومة ووزارة العدل باعتبار أنه يؤثر بالمجتمع ككل، مشيراً إلى أن كثيراً من الأفعال كان يجب إعادة النظر فيها”.