إسراء غريب: بأي ذنب قُتلت؟

بذريعة الدفاع عن الشرف، يقتل الرجل المرأة ويعنفها ويعذبها. ومعظم هذه الجرائم تجري في إطارٍ عائلي،وغالباً ما يتمّ التستر عليها حفاظاً على سمعة العائلة.إلّا أنّ قضية إسراء غريب أطلقت صرخةً أسمعت العالم صوتَ الظلم والتخلف والتعذيب، محطمةً “عالم الصمت”، حيث مازالت الأمم المتحدة تعتبر أنّ المعنفات “يعشن في عالمٍ من الصمت، خوفاً على أرواحهنّ.”
وتعود مجريات قضية إسراء غريب (21 عاماً)، التي كانت تعمل في أحد صالونات التجميل في مدينة بيت لحم الفلسطينية، إلى آب (أغسطس) الماضي. حين تحولت قضيتها إلى قضية هزت به الرأي العام. فبعد قتلها في 22 من آب (أغسطس)، اجتاح وسم #كلنا_إسراء_غريب مواقع التواصل الاجتماعي، واتهم ناشطون عائلة إسراء بقتلها عمداً.
وجاءت هذه الاتهامات على خلفية نشر مقطع فيديو على موقع “إنستغرام” يظهر لقاء إسراء بشاب تقدم لخطبتها، وتسجيلات صوتية تبين خلافاً بين إسراء وبنات عمها على المقطع المنشور، منتقدين حياتها الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، نشرت إسراء قبل مصرعها، صورة لها على موقع “إنستغرام” وهي في المشفى وجسدها مكتظ بالكدمات. ففي 9 آب )أغسطس(دخلت إسراء المشفى مصابة بكسرٍ في أسفل العمود الفقري وجروحٍ بمنطقة العين وبعض الكدمات، نتيجة وقوعها من على شرفة منزلهم، حسبما أفادت عائلتها.
لكنّ ناشطين تداولوا مقطع فيديو من داخل المشفى يُسمع فيه صوت إسراء وهي تصرخ مستنجدة بالشرطة، وكأنها كانت تتعرض للضرب.واستناداً إلى هذه الأدلة، اعتبرت مؤسسات نسوية وحقوقيون أنّ إسراء قضت نحبها بسبب التعنيف والضرب المبرح من قِبل أهلها بسبب مشاكل اجتماعية وتحريض من الأقرباء، مناشدين الحكومة الفلسطينية بتطوير قوانين حماية المرأة.
وفي المقابل، نفت عائلة إسراء الاتهامات، رغم اعتراف زوج أخت إسراء محمد صافي أنّ الصراخ الذي سُمع في المشفى هو فعلاً صراخ إسراء، فقد كانت تعاني من “حالة نفسية”، مشيراً إلى أنّ إسراء كانت مسكونة بالجن، بينما أكدت عائلتها أنها توفيت نتيجة تعرضها لجلطة بعد سقوطها من على الشرفة بأيامٍ معدودة.
بيْد أنّ نتائج التحقيق بيّنت عدم صحة ادعاء العائلة بسقوط الضحية من شرفة منزلهم في المرة الأولى التي دخلت فيها إلى المشفى. فقد أثبتت تعرُّض إسراء إلى عنفٍ أسري وسلسلة من أعمال الشعوذة، ما أدى إلى تدهور حالتها الصحية.
وكشف النائب العام الفلسطيني، أكرم الخطيب، نتائج تحقيق النيابة العامة المتعلقة بالقضية، خلال مؤتمرٍ صحفي عقد بمقر وزارة الإعلام في مدينة رام الله الفلسطينية، مشيراً إلى أنّ سبب وفاةإسراء غريب، حسب تقرير الطب الشرعي “يرجع إلى قصورٍ حادٍ بالجهاز التنفسي بسبب تجمع الهواء تحت أنسجة الجلد، نتيجة مضاعفات الضرب الذي تعرضت له.”
وحول مقطع الفيديو المسرب من مشفىبيت جالا الحكومي، شرح الخطيب أنّ “مقطع الفيديو المتداول ناتج عن دمج مقطعي فيديو منفصلين تم تسجيلهما بفارق زمني يصل لسبع ساعات.”
وفي ضوء إعلان نتائج التحقيق وتوفر الأدلة اللازمة،ألقت الشرطةالفلسطينية، في 12 من أيلول (سبتمبر)، القبض على ثلاثة أشخاص (م.ص) و(ب.غ) و (أ.غ) بتهمة قتل إسراء غريب. وأكد الخطيب أنّ القضية لا تندرج ضمن ما يسمى “جرائم الشرف،” مشدَّداً على أنّه “ستتم إحالة ملف القضية للمحكمة، لمحاكمة المتهمين وفقًا للقانون.”
ويمثّل العنف المنزلي ضد النساء مشكلة “شديدة التعقيد” في الضفة الغربية المحتلة، فبحسب مكتب المدعي العامّ الفلسطيني فإنّ “14 امرأة قتلت في عام 2016 بمناطق متفرقة من الضفة”. وفي إحدى عشرة حالة، كان مرتكب الجريمة من أقارب الضحية الذكور.