أمير سيرجية لاعب كرة سلة سوري يحلم بالعالميّة

لم تدمّر الحرب السورية المباني وحسب، بل دمّرت وطمرت أحلاماً لشبابها الذين باتوا ضحية الفوضى المسيطرة على بلادهم، فأصبحت طموحات الشباب السوريين معلّقة بمصير جنسيتهم التي لم تعد تخدمهم بل تضرّهم.
قصة أمير سيرجية تمثل عينة من ذلك الجيل الطموح الذي يسعى إلى نجاح تباطأت خطواته رغم الجهد الكبير والإصرار على تحقيق مستقبل يعتزّ به وطنه.
قبل ذهابه إلى محاضراته، يبدأ أمير يومه الروتيني في الجامعة الأمريكية في دبي بتمرينٍ صباحي مع بعض زملائه في فريق كرة السلة. ويمرنهم مدرّبٌ شخصي لتعزيز مهاراتهم، فبالنسبة لهم تمرين الجامعة ثلاث مرات في الأسبوع غير كافٍ لتلبية طموحاتهم التي هي أكبر من لعبهم على مستوى جامعيّ فقط. يقول سيرجية: “تتطلّب كرة السلة مجهوداً شخصياً أكثر من مجهودٍ جماعي، فالأول يطوّر المهارات الفردية مما يشكّل ٧٠٪ من أهمّية التمرين، أما الثاني فيساعدك على تحسين التواصل بين أعضاء الفريق أثناء اللعب.”
بالنسبة لأمير كرة السلة ليست فقط لعبة، بل طريقة عيش ومستقبل يبنيه؛ فهو يسعى لأن يكون لاعباً محترفاً في فريق يكمل معه مشواره المهني.
بدأت رحلته في مجال كرة السلة منذ عمر السبع سنوات في نادٍ صيفي في دمشق، وكان والده من أبرز مشجّعيه، فقد كان لاعباً في شبابه مع نادي الحرّية في حلب لأن أصوله حلبية. أصبح أمير أحد أكثر اللاعبين مهارةً في وسطه بالمدرسة، فرغب بتوسيع آفاقه. لذلك انضم إلى نادي الوحدة في دمشق عندما بلغ العشر سنوات، بعدها التحق بفريق المنتخب السوري عام ٢٠٠٧ عندما كان طالباً في الصف الحادي عشر. وكانت بطولة غرب آسيا في بيروت هي من أول بطولاته مع المنتخب، وشارك معهم في بطولات عالمية أخرى كبطولة آسيا في ماليزيا عام ٢٠٠٨، وفي اليمن عام ٢٠١٠ والبطولة العربية في بيروت عام ٢٠١٠.
خلال تحضير المنتخب السوري للبطولة في اليمن، ذهب إلى معسكرٍ تدريبي في دبي، حيث التقى مدرّب كرة الطائرة في الجامعة الأمريكية في دبي، وعرض المدرب عليه الإلتحاق بالجامعة فور انتهائه من المدرسة لينضم إلى فريق كرة السلة، وأبلغه بأن حصوله على منحة رياضية، احتمالية كبيرة.
كان كل ذلك بالنسبة لأمير حلم يتحقق، ولكنه لم يعرف أن مستقبل لعبه في كرة السلة سيكون خارج بلده الأم سورية. فمنذ أن تدهورت الأوضاع في البلد، أصبح أمير كأي شاب سوري في ذلك الوقت، يبدأ رحلة البحث عن خطط بديلة تتجاوز حدود بلاده.
عرضت عليه عدة جامعات منحاً رياضية من أجل موهبته، كالجامعة الأمريكية في بيروت، والجامعة الأمريكية اللبنانية، ولكن والداه فضّلا أن يذهب للعيش في دبي، لأن أوضاع الشباب في بيروت غير مستقرّة. أما بالنسبة لسيرجية فكان خياره الأول والأمثل أن يكمل تعليمه العالي في الولايات المتحدة الأمريكية، لأن مستوى كرة السلة هناك يبلغ القمّة بحسب ما ذكر، ولكن لسوء حظه تم رفض تأشيرة دخوله الولايات المتحدة ثلاث مرّات.
لم يبقَ لدى اللاعب الطموح خيار غير مدينة دبي، لذا التحق بالجامعة الأمريكية ليدرس إدارة الأعمال، وسكن في سكنها الجامعي الذي يتيح له فرصة ممارسته لهوايته حينما يشاء بسبب توافر الملاعب. وهو الآن في سنته الرابعة والأخيرة.
يرى سيرجية أن لا وجود لمستقبل له كسوريّ، وكلاعب محترف في الإمارات، فجنسيّته تعرقل دخوله في نوادٍ محترفة. بالإضافة إلى أنه ليس راضياً عن مستوى لعبه في الجامعة، إلّا أنه عندما يقارن تحدّياته في سورية مع تحدّياته في دبي يرى أنه لا وجود للمنافسة الحقيقية في الثانية، وكان يلعب مع المنتخب السوري بحدود ٣٠ أو٤٠ لعبة ضد فرق محترفة كل سنة، أما الآن فهو يلعب لعبتين أو ثلاثاً كل فصلٍ على مستوى جامعيّ فقط.
أمير لا يملك إلا أن يحلم، وسيبقى كما قال يلاحق حلمه إلى أن يتحقق.