أفراح القبة”: نجيب محفوظ يحدّق في خفايا النفس”

قصة واحدة تُسرد من طرف أربعة أشخاص، كُلٌّ يعتبر نفسه الضحية المظلوم. فتجد نفسك متعاطفاً مع بطلها الأول وتُدين الآخرين، ولكن ما إن يغوص”نجيب محفوظ” في أعماق نفس البطل الثاني، وتتعرف على القصة من وجهة نظره، وعن بعض التفاصيل التي لم يطلع عليها الآخرون، أو بعض الأمور التي أُوِّلت بعكس حقيقتها، فإذا بتعاطفك مع الأول يتحول إدانةً، وإدانتك للثاني تتحول عطفاً، وحُكمك على الثالث تَراه تسرعاً، وهكذا دواليك.

تدور أحداث الرواية حول حياة مجموعة من العاملين بأحد مسارح عماد الدين في مصر فى فترة ما بعد 52 حتى بعد النكسة. محفوظ اعتمد على الحوار المباشر المقتضب أكثر من السرد داخل الرواية، بما يعادل تقريباً 80% حوار و20% سرد أو مونولوجات داخلية أو جمل وصفية.

4 شخصيات تكلم نجيب عنهم وكتب وجهة نظرهم، وهم طارق رمضان، ممثل ثانوي بالمسرح، حليمة الكبش، موظفة التذاكر، كرم يونس، ملقن الفرقة، عباس يونس، ابنهما وملقن الفرقة ومؤلف لاحقاً.

غلاف رواية أفراح القبة

بُني الصراع في الرواية من خلال مناقشة قضايا ومشاكل مجتمعية، ونفاق الحكومة في الوقت التي كتب فيها هذه الرواية، فكانت كل الشخصيات التي وظفها في القصيدة انعكاساً للواقع الذي يعيشه الناس في المجتمع، وقد جاءت كل هذه الأحداث في أربعة فصول، كل فصل تُروى نفس الأحداث على لسان راوٍ جديد، ويطرح الأحداث من وجهة نظره.

مغزى الرواية

تعد الأحلام التي لا يمكن للشخص الوصول إليها، وتتسبب في خسرانه للكثير من الأشياء من بينها نفسه، هي المحرك الرئيسي لهذه الرواية، فتركز الرواية على الأبطال، وقد طرح نجيب محفوظ العديد من الأفكار في هذه الرواية القصيرة نسبياً، فناقشت الأحلام المدمرة، وكيف تكون المثالية سبباً في سعادة الفرد، وكيف يمكن للتفاصيل الصغيرة أن تغيّر الأحداث، وتغيرها الآراء تبعاً لها.

كان هدف نجيب محفوظ في وضع أربعة رواة، هو إبصار إحدى الأفكار التي يريدها من الرواية، وهي أنّ الأشخاص لا يرون الموضوع بالطريقة نفسها، بل لكل شخص وجهة نظر مختلفة، وزاوية مختلفة ينظر منها إلى الأمور، فالتفاصيل الصغيرة التي تتغير بتغير راوي الأحداث، سيتغير وجهة نظر القارئ بالتأكيد، وتفتح عينيه لأشياء لم يكن يفكر بها.نجيب محفوظ: أليست الوحدة خيراً من عشير النكد؟

ما أعجبني في الرواية

أسلوب السرد والحبكة بين الشخصيات.

تنوع الرؤى والمنظورات.

تسيير الصراع بين الشخصيات بشكل تدريجي تصاعدي.

ما لم يعجبني في الرواية

يطغى الحوار الفلسفي بكثرة، ويفرض نفسه بقوة على لسان شخصيات ومواقف هي أبعد ما يكون عن هذا المستوى الفكري والعقلي.

كان يجب تغيير العنوان إلى “أحزان القبة”.

مقتطفات من الرواية

أليست الوحدة خيراً من عشير النكد؟”.

” ما هي الحياةُ في نظركَ؟ هي معركةُ الروحِ ضد المادَّة”.

“كيف يحطم الأسير أغلاله؟ أتخيل دنيا مباركة، بلا إثم، بلا أُسَر، بلا التزامات اجتماعية، دنيا تنبض بالخلق والإبداع والفكر وحدها، دنيا تحظى بالوحدة المقدسة فلا أب ولا أم ولا زوجة ولا ذرية، دنيا يمضي فيها الإنسان خفيفاً، غائصاً في الفن وحده.”

“لم لا نسجل اللحظات السعيدة لنصدقها فيما بعد؟”.

“إنِّي أدمنُ الحُلم كما يدمنُ أبي الأفيون، بالحلمِ أغيِّر كلَّ شيءٍ وأخلقُهُ”.

“الحب أقوى من الشر نفسه”.

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM