أشعة الشمس: أكثر من مجرد ضوء
هي ظاهرة صحية ، تنتشر بخفاء تام و تداهم كل صغير و كبير دون سابق إنذار. تحتاج منا إلى تسليط الضوء على أبعادها التي تؤثر على صحة و حياة كل من يعاني منها. هي ظاهرة نقص الفيتامين د ، التي لا يعرف الكثير عن تفاقم خطورتها و أن الإصابة بها قد تؤثر سلبا على حياة الإنسان في كثير من الجوانب الاجتماعية و النفسية، و خاصة لدى الشباب من المرضى.
تعريف للمشكلة:
نقص فيتامين د كما عرّفه الدكتور هشام السر – أخصائي و جراح عظام في مركز الأمير الطبي في أبوظبي- هو نقص المصدر الأساسي لهذا الفيتامين و هو الشمس . عندما لا يتعرض الجلد لأشعة الشمس تتعطل عملية التمثيل الضوئي التي تمتص الأشعة الفوق البنفسجية و تساعد الكلية على تكوين فيتامين د. و أضاف أنها تنتشر في المناطق التي تكون ساعات الشروق فيها قليلة مثل كندا و اسكندنافيا. و من المثير للاهتمام أن هذه الظاهرة انتشرت في دول آسيوية تحظى بكم وافر من أشعة الشمس مثل إيران التي وصلت نسبة الإصابة فيها إلى 80% و دول الخليج التي قاربت فيها نسبة انتشار نقص الفيتامين د 70%. هذا و تتصدر السعودية القائمة في نسبة النقص ، تليها الإمارات و من ثم الكويت. و قد رجح الدكتور هشام بأن الزي السائد في هذه البلدان ألا و هو العباءة السوداء قد ساعد على زيادة نسبة النقص مع العلم بأن اللون الأسود بمتص أشعة الشمس و يمنع وصولها للجسم. و أضاف ،إنّ أحد العوامل الهامة التي أدت إلى النقص هي كثرة الأماكن المغلقة كمراكز التسوق التي يقبل عليها الناس بشدة و يقضون فيها معظم أوقاتهم فتمنعهم من قضاء وقت كاف في الأماكن المفتوحة.
أكد الدكتور هشام السر ، أن نقص هذا الفيتامين في الجسم لا يؤثر فقط على قوة العظام فحسب,و لكن أيضا على عضلات القلب ، و هو كذلك ينقص المناعة فيصبح الجسم عرضة للأمراض كالسكري بنسبة 40% و و تصلب الشرايين بنسبة 40% . كما أن النقص الحاد لفيتامين د يضعف التركيز الذهني و اللياقة البدنية ويزيد نسبة الاكتئاب و تدهور الحالة النفسية. ببساطة نقص فيتامين د هو نقص للتفاعل البدني و الذهني و الذي قد يقيد المصابين بهذه الأزمة في نشاطهم اليومي .
مطالبة بتغيير جذري لأسلوب حياتنا:
أشار الدكتور السر إلى أن أسلوب الحياة العصري يقف عائق في طريق حل هذه المشكلة . و أتبع قائلا بأن الاعتماد على السيارات في التنقل بدلا من العجلات الهوائية، و ممارسة التمارين الرياضية في صالات التدريب بدلا من الركض على الشاطئ في ساعات الشروق و الغروب و هي أهم أوقات لامتصاص الجلد لفيتامين د من أشعة الشمس- هي كلها عوامل تمنع من التزود بفيتامين د .
و أضاف بأن توتر الطلاب الذين يمرّون بمراحل دراسية كالجامعة و الثانوية ، يمنعهم من اتباع نظام غذائي و رياضي منتظم يساعدهم في دعم اجسادهم فيسيولوجيا و فيزيائيا و عقليا. فعلى الناس التركيز على التعرض للشمس و تناول الأسماك الزيتية و منتجات الألبان .
الطلبة في غفلة :
” نحن شباب في كامل قوانا الجسدية” هذا ما قالته الأستاذه نيللي حلبي مديرة المركز الصحي في الجامعة الأمريكية في دبي معلقة على الاعتقاد الشائع لدى الشباب فيما يتعلق بالمشاكل الصحية. فهي تعتقد بأن الشباب يظنون أنهم غير معرضين لهذا الخلل الجسدي و الفسيولوجي و بأنهم صحيون للغاية و لا يحتاجون إلى هذا النوع من الفحوصات و التوعية. كما أشارت إلى أن معظمهم لا يعيرون انتباها لهذه المشكلة إلا بعد أن تتفاقم إلى نقص حاد مؤثرة على الجسم بشكل واضح و خطير. وهذا يدعم تعليق الدكتور هشام: عندما علّق أنّ سبب اللياقة البدنية للشباب و سنهم لا يجعلهم يحسون بخطورة معاناتهم من بعد الأعراض إلا بعد أن يواجهوا مشاكل صحية خطيرة كالتهابات المفاصل و السكري”.
تحديث لأجندة التوعية في الجامعة :
أخذت الأستاذة نيللي حلبي موضوع نقص فيتامين د في عين الاعتبار و قالت: ” لقد أدرجت التوعية عن ظاهرة نقص فيتامين د على لائحة المواضيع التي سوف نتناولها في يوم الصحة العالمي”. يوم الصحة العالمي الموافق 7/ أبريل من كل عام هو يوم للتوعية عن كل الظواهر الصحية التي تؤرق المرضى في كافة أنحاء العالم. و في هذا اليوم يقوم المركز الصحي للجامعة الأمريكية في دبي بإطلاق فعاليات و حملات توعية عن مواضيع كالتدخين و السمنة و الكثير من الأمراض.
يبدو بأن هربنا الدائم من أشعة الشمس الحارقة إلى نعيم المراكز المكيفة و المغلقة يأتي محملا بضريبة باهضة الثمن, وهي نقص الفيتامين د فهذه الحياة العملية و الاجتماعية التي نستيقظ كل صباح لمزاولتها و تطويرها داخل مراكز مغلقة بعيدة عن ضوء الشمس قد تضيع منا إن لم نعطي أجسامنا حقها الطبيعي: ألا و هو أشعة الشمس. و نتطلع دائما لزيادة الوعي و تثقيف الشباب بشكل خاص عن أهمية إعطاء أجسامهم متنفسا طبيعيا حتى لا تخذلهم يوما ما.
Please follow and like us:
