آلة العود: تاريخ “لن ينتهي”

أوتارها الرنانة رافقت عمالقة الفن على عتباتِ أكبرِ المسارح، وشجنُها المتواري في طياتِ أنغامها روى مشاعر من استنجد بها فأثمله، وتاريخها الذي يعود إلى العصر الأكادي، أي ما قبل الميلاد، كان السببَ في إشعال النزاعات بين حضارات العالم على من يمتلك حق نسبَ هذه الآلة إلى تاريخه، فتزيدُه عراقة. آلة العود، التي وصفها عازف العود السوري باسل دعبل بسلطانة الآلات، إذ أن “صوتها فريد، ولايوجد مثله في باقي الآلات”.

وعن الخلافات التي لطالما رافقت أصلَ تاريخِ اَلة العود، أكد دعبل أن “الطابع الشرقي” يطغى عليها، ولكن هذا لا ينفي وجود بلاد أخرى ساهمت في تطوير العود عبر الزمان مثل إيران، وتركيا.

ولتوثيق الترابط الذي يجمع بين اَلة العود والموسيقى العربية الشرقية الأصيلة، بين الخبير في اَلة العود وعازفها اللبناني حاتم رضوان “تخليدَ هذه الاَلة أصواتِ كبارِ الفنانين”، الذين رحلوا وحُفر فَنُّهم في طياتِ أوتار هذه الاَلة.

وبالرغم من ظهورِ اَلات عزف عصرية كالغيتار الإلكتروني والأورغ الكهربائي، إلا أن رضوان، الذي احترف اَلة العود منذ الرابعة عشرة من عمره، يرى بأن زمنها لن ينتهي، إذ أن ألحانها التي رافقت كبار الفنانين على المسارح “لم تمت”، ولايزال العديد من الجيل الجديد متمسكين بها”.

وبيّن رضوان العلاقةَ الحسيةَ الخاصةَ التي تربِط اَلة العود بعازفها، إذ أن العود يتوغل بعازفه، فينقل مشاعرَه من داخل قلبه إلى الأوتار، فتعطي ذاك الإحساسَ الصادقَ الذي ينتقل إلى قلوب واَذان المنصتين إليها. وشرح رضوان التشابه بين علاقة العازف بعوده وعلاقة الرجل بالمرأة، التي “تبدأ بالتعرف، فالتعلق، فالحب، ثم العشق”.

وعن المسؤولية التي تقع على عاتق الشباب الذين لا يزال لديهم شغف تعلم اَلة قديمة كالعود، أكد رضوان أن تعليم هذه الاَلة أمانة ودعا إلى التمسك بها.

فهل يستطيع “سلطان الاَلات” إثبات جدارته والصمودِ أمام اَلاتٍ تزاحمُه، وتحاول أن تضع نفسها في مقارنة بينها وبين اَلة طربية صمدت منذ عام 2170 قبل الميلاد ولاتزال تحظى بمن هم على استعداد لنقل هذا الإرث العظيم إلى الأجيال المقبلة؟

الصورة: من موقع L’Academie d’Oud a Paris

Please follow and like us:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Social media & sharing icons powered by UltimatelySocial
EMAIL
Facebook
INSTAGRAM